الإمام منصور الشيشاني

 الإمام منصور الشيشاني

ولد الشيخ منصور، أو (أشورما)، كما لقبه الروس، في مدينة (آلدي) ببلاد الشيشان، في موقع قريب من جروزني اليوم، واسمه الحقيقي (محمد).تلقى علومه الدينية في بخارى، حيث كان حافظا للقرآن وآلافًا من الأحاديث النبوية الشريفة، وصار له نفوذ وتأثير لا يجارى بين الشعوب الشركسية القوقازية المسلمة.



في عام 1785، نادى بالجهاد ضد الروس، واستثار الحمية الإسلامية في نفوس القوقازيين. وكان ذلك بداية حرب جديدة، لم يألفها الروس من قبل، وهي حرب الجهاد المقدس وتجمع لديه جيش ضخم، استطاع أن يلحق بالروس هزائم متكررة في شمالي القوقاز.

لم تكترث (كاترين) الإمبراطورة الروسية في بادئ الأمر، بالشيخ منصور، وحركته، ولكنتمكن المجاهدين من قتل الكولونيل الروسي بيري، ومعه سبعة ضباط آخرين، إضافة إلى ستمائة جندي، وغنموا الأسلحة التي كانت بحوزتهم، ومن ضمنها اثنا عشر مدفعًا.جذب اهتمام الإمبراطورة كاترينا لهذا الخطر. وبعد توالي انتصارات الشيخ منصور في بلاد الشيشان، والداغستان، استطاع شعب القبارطاي الشركسي الانفصال، مؤقتًا، عن الروس.

عندما بدأت بوادر الحرب تلوح بين روسيا والدولة العثمانية عام 1787م، استنجد الأتراك بالشيخ منصور فلبى النداء، وظهر فجأة بين الشراكسة في الغرب، الذين التفوا حوله، وقاموا بمهاجمة القوات الروسية من الخلف، و هاجم الشيخ، ومعه الشراكسة، ثلاثة أفواج من الجيش الروسي وأبادوهم.

وفي سبتمبر عام 1787، هاجم الروس قلعة (أنابا) على ساحل البحر الأسود، فقام الشيخ منصور بالهجوم على الروس من الخلف، في منطقة (أوبون)، وقتل ثلاثة آلاف جندي روسي في هذه المعركة. وإثر هذه الهزيمة، عُزل الجنرال توكالي، وحل محله بيبكوف، وأيقن الروس أن احتلال (أنابا) لن يتم إلا بهزيمة الشيخ منصور أولاً.

فشل الجنرال بيبكوف في احتلال أنابا، وتم استبداله بالجنرال بيلمان، وبتنسيق مع العثمانيين ، خرج الشيخ منصور من حصن أنابا، ومعه مقاتلوه، لمهاجمة قوات الجنرال جيرمانيين، أحد مساعدي بيلمان، وجرت معركة (كوبيروسكوي) والتي اضطر الشيخ للانسحاب منها، لتأخر التعزيزات العثمانية ، ولكن الشيخ منصور عاد ثانية إلى أرض المعركة وأنتصر، واضطر الجنرال جيرمانيين للانسحاب.

وبعد مسلسل الفشل الروسي في احتلال أنابا، قامت الإدارة الروسية بتعيين الجنرال غوردوفيتش، لقتال العثمانيين والشيخ منصور، وأرسلت له تعزيزات كثيرة، من السلاح والجنود. وبعد وصولها، قام غوردو فيتش بالهجوم على أنابا، في 21 /6/ 1791، وتمكنت القوات الروسية من دخولها بعد أن فاوض العثمانيين الروس، وبعد دفاع أسبوعين، قبلوا الاستسلام، بالرغم من احتجاج الشيخ منصور وأتباعه وطلبهم للجهاد حتى آخر رجل.

وخلال المعارك الدائرة بينه وبين الروس سقط الشيخ منصور جريحًا، فأسره الروس، ونقلوه إلى الإمبراطورة كاترينا، التي رغبت في رؤية هذا الشيشاني، الذي كان مصدر إزعاج دائم لها منذ عام 1785.

ثم أودع السجن في شليسبرغ، وهناك لم يرض الأسد الأبي بالسجن فقام بقتل أحد الحراس, فقتل على اثر ذلك.

وبذلك إرتقى الشيخ منصور الشيشاني شهيدًا نحسب عند الله و الله حسيبه ، في 13 أبريل 1794م، بعد تسع سنوات من الجهاد المتواصل. ليستمر الجهاد والمقاومة على يد الشيخ غازي محمد.

اضف تعليق

أحدث أقدم